مَن هو مالكوم ماكلين؟ وكيف غيّر هذا الرجل مفهوم شحن البضائع في العالم عن طريق اختراع حاويات الشحن؟
إليكم في هذه المقالة معلومات ربما ستعرفونها لأول مرة عن حاويات الشحن و التي غيرت نظرة التسوق والتي لولاها لربما ما كنت لتحصل على ملابسك من تركيا أو هاتفك من الصين أو الموز من الهند أو البرازيل!
كيف كان التسوق قبل اختراع حاويات الشحن؟
أغلب الأشياء التي تشتريها الآن من المتاجر، يكون مصدرها خارجي، أينما كنت وأينما كان البلد الذي تقطن فيه. فعلى الأغلب أن يكون القسم الأكبر من المنتجات اللي تستخدمها بشكل يومي، مصنوعة خارج حدود البلد المقيم فيها…
وحتى على مستوى السوبر ماركت ومحلات البقالة غالباً ما نرى بعض المواد الغذائية الطازجة هناك مثل الفواكه واللحوم، مصدرها من دولة أخرى أو قد تكون من قارة أخرى اذا صح القول.
في السابق، هذا الشي كان مستحيل لأنه كان يجب تصنيع و إنتاج كل شيء بمكان قريب من المستهلك ( أي منتج وطني) ، ولم يكن شحن المنتجات وغيرها لمسافات طويـــلة تجارة مربحة للتجّار والمندوبين، وكان الشحن لهذه المسافات من وإلى خارج البلاد حكراً على السلع الغالية الثمن والخاصة جداً فقط.
مالكوم ماكلين – Malcom McLean
ولكن في سنة 1937 تغير كل شيء عن مفهوم الشحن الذي كان معروفاً في وقتها، وهذا الشيء حدث مع سائق شاحنة أمريكي اسمه ( مالكوم ماكلين ) وهو يقوم بعمليات نقل بضاعته على الشاحنة، تذمر من الوقت الطويل والتكاليف العالية التي كانت تنتُج عن عملية تفريغ البضائع في الشاحنة، حيث كانت تستغرق عملية تحميل البضائع إلى الشاحنة أحياناً لأكثر من أسبوع كامل!!
وفي هذه اللحظات العصيبة، خطرت في بال مالكوم فكرة رائعة، وهي أن يصمم صندوقاً كبيراً ينقل عليه البضاعة من الأرض و بعدها يتم نقل الصندوق على متن السفينة ، وبهذا الحل الرهيب يكون قد وفر على نفسه الجهد و التكاليف و والوقت الذي كان يُبذَله في السابق.
و فعلاً، هذا الأمر تحقق بشكل فعلي عام 1956 عندما قرر مالكوم أن يشتري سفينة Ideal-X ( آيديال إكس ) وهي عبارة عن ناقلة نفط قديمة من أيام الحرب العالمية الثانية والتي قام بالتعديل عليها بحيث تكون مناسبة لتحميل البضائع و الصناديق الحديدية ، وذلك في ميناء (نيوآرك) في ولاية نيوجيرسي الأمريكية في أولى رحلاتها.
ما كان مميزاً في هذه الرحلة أنها مثّلت المرة الأولى بالتاريخ التي تحمل فيها سفينة شحن بضائعها في حاويات حديدية مموّجة ( والتي سميت لاحقاً بـ Container)، بدلاً من وضع البضائع بشكل عشوائي في مخازنها على متن السفينة.
أحد المزايا المذهلة لنظام الشحن الجديد عن طريق الكونتينر هو بأن حجم الحاوية اتفقت عليه جميع الدول دون أي خلافات، على غرار العملة أو اختيار الشكل أو حتى القيادة من جانب واحد لأن السفينة ستبحر في مياه واحدة، فأصبح هذا الصندوق الحديدي يتسع لنقلها على متن القطار وعلى متن سفينة، وبدأ تصميم بعض الطائرات بشكل انها تتمكن من حمل ونقل حاويات الشحن هذه ذات الشكل المستطيل.
حاويات الشحن وكيف غيرت مفهوم التسوق وشحن البضائع
الطريقة الحقيقية التي غير فيها هذا النظام مفهوم التسوق، هي أنه جعل عملية الشحن سريعة جداً، لدرجة انّ عملية الشحن الي كانت تستغرق أكثر من اسبوع لتصل للمشتري، أصبحت تصل الآن بغضون ساعات معدودة.
وانخفضت كذلك تكاليف الشحن بشكل كبير جداً، وأصبحت مدن بأكملها مشهورة على الخريطة وذات أهمية كبيرة بفضل موانئها الجديدة والواسعة التي كانت ضرورية لمواكبة هذا النمو السريع في عمليات شحن البضائع إلى الخارج.
ساعد هذا النظام الجديد أيضاً على إنشاء الاقتصاد العالمي الذي نعرفه اليوم، وقد أصبح اليوم تصنيع الكثير من السلع على القسم الآخر من العالم أقل تكلفة بفضل انخفاض تكاليف الشحن التي تكاد أن تكون شبه معدومة.
وساهم نظام الشحن بالحاويات أيضاً في تقليل المدة التي تستغرقها سفينة الشحن من أوروبا إلى أستراليا مثلاً من 80 يومًا إلى 39 يوم فقط، أي أكثر من نصف الوقت تقريباً وهذا الشيء كان يحدث حتى بدون زيادة سرعة السفن.
وهناك العديد من المزايا الرائعة التي غيرت وجه و مفهوم الشحن في العالم و سهلت عملية نقل البضائع والموارد بين دول العالم مهما كانت المسافة وفي أسرع وقت ممكن.